كيف نتعامل مع ما نقرأ بذكاء؟
فهم ما نقرأ والتعامل معه بذكاء
في هذه المقالة سنتعرف على طريقة للقراء تجعلهم يفهمون ما يقرأون بصورة أفضل
محمود ساميالقراءة
هناك أزمة القراءة في العالم العربي ليس عبثا أن يقول القرآن الكريم في أولى آياته نزولا -على حد قول بعض علماء الدين- خطابا إلى رسول أمي وأمرا منه: إقرأ؟ ويكون الجواب البديهي منه: ما أنا بقارئ… وهنا أعتقد أن الخطاب موجه إلى كل إنسان فينا، بل ومبدأ التغيير في الأمم كما هو في الأفراد يكون بعد البحث والمطالعة وهو الملحوظ الآن في الفرق بين متوسط الصفحات المقروءة بين دول العالم الأول ودول العالم المتخلف أو دول العالم الثالث بما فيها كل البلدان العربية، البلدان التي ألفت الراحة في كل شيء وذلك للعقلية “البترولية” التي انزاحت على كل الجوانب ولم تبق في الجانب الاقتصادي فقط، بل ونجدها في الجانب الفكري والإجتماعي وكل ما يتعلق بالجهد الإنساني العقلي.
إذا حجر الأساس في أي تغيير قد يحصل لبلد من البلدان متعلق أساسا بكم الكتب المقروءة وكذا نوعها، ولكن هل نستطيع أن نعتبر أن ّأي قراءة في أي تراث كان محمودة؟
مأزق القراءة
إن القراءة سيف ذو حدين كما يقال ما لم تتحلّى بأدبيات وضوابط في أي تراث إنساني كان أو حتى رباني، ولعل من أهمها عدم استسلام القارئ للكاتب دون أن يطرح في مواضع مما يقرؤه كلمة لماذا؟ وكيف؟ وغيرها من الأسئلة التي تجعله يفهم لما يقول الكاتب كذا ليحكم بعده على صحة قوله من خطئه، وكما يقول البرتو مانويل في تاريخ القراءة: “عندما تقرأ إستقبل المعاني بقلبك”، ولقد ظهرت مدارس في النقد الأدبي والخطابي إنطلاقا من فكرة عدم الخضوع إلى الكاتب، تحاول أن تصل في النص إلى ما لا يعرفه أو لا يقصده الكاتب نفسه، حتى وصل الأمر إلى “موت الكاتب” مع الناقد رولان بارث، وهو قول يساير الإتجاه الغربي العام وتكملة لمقولة نيتشه الشهيرة “موت الإله”..
والقراءة مع الاستسلام للكاتب خطأ شائع جدًا، ونلاحظه في عالمنا العربي متجليا في طبيعتنا الفكرية والتاريخية والدينية، لذلك انقسم القراء إلى قسمين: قسم يؤمن بكل ما يكتبه الغرب وكل تنظيراته وما وصل إليه، وقسم يؤمن ويتمسك بكل ما كُتب في التراث العربي ويرى أن الصواب لا يتعداه… يعني أن الكل قد انحاز لصنف وأجرى عليه حكم “المطلق” وأن الحقيقة والحق متعلق به لا بغيره.
ضرورة تنوع المشارب
وللخروج من هذا المأزق الفكري، هناك الضابط الثاني للقراءة الجادة والتي ميزتها الأساسية الوصول إلى الحقيقة والمعرفة الصادقة وهو: أن تقرأ لألوان شتى من الأفكار، وتنوع المشارب في مطالعاتك، وعند حدوث ذلك ستجني أمرين مهمين أولهما: أن لا تقف عند حد زمني، بل تواكب العقل الإنساني وتطوره كما تواكب تطور الأحداث والعالم الذي حولك -وسنة التغير من سنن الكون المعلومة-.
والأمر الثاني: وهو زيادة قبول “الآخر”، والآخر هنا يعني كل من ليس على دينك أو على منهجك أو ليس على نفس الفكر الذي تؤمن به أنت، مما ينمي روح التقارب بين مختلف الأطياف داخل المجتمع نفسه وخارجه كذلك، وصدق من قال “الإنسان عدو ما يجهل” فكم من عداوة منشؤها الجهل سواء تعلق الأمر بالأشخاص أو الأفكار.. كما أن تنويع المطالعات فتح للآفاق والتعرف على مجالات أكثر ربما في مراحل قادمة من أجل البحث فيها وتقديم الجديد في موضوعها.
فخ الإسقاط
وقد يقع القراء في مشكل آخر وهو إسقاط النص المقروء سواء كان فتوى دينية أو نظرية إجتماعية أو إقتصادية على الواقع والحاضر مع عدم مراعاة شروط المحيط الذي ظهرت فيه من قبل، وهو مشكل أشبه “بالجهل المركب” إذ أن مجرد القراءة مع عدم الإلمام بالجو السائد فكريا أو سياسيا هو فصل عن الحاضن الأول للنص وهو بيئته، فكل شيء “إبن بيئته” ولا يستثنى ما هو مكتوب من هذه القاعدة إن صح التعبير عنها.
وأخيرا أقول كما قال العقاد “لست أهوى القراءة لأكتب، ولا أهوى القراءة لأزداد عمرا في تقدير الحساب.. وإنما أهوى القراءة لأن عندي حياة واحدة، وحياة واحدة لا تكفيني، والقراءة -دون غيرها- هي التي تعطيني أكثر من حياة، لأنها تزيد هذه الحياة من ناحية العمق”.
أهمية القراءة
1. تساعد القراءة على تنمية التعاطف وتعزيز التواصل من خلال أخذ وجهة النظر
لا يمكنك أبدًا أن تفهم تمامًا ما يعنيه أن تكون في مكان شخص آخر. لكن التعاطف يعني أنه يمكنك الشعور بما قد تشعر به عندما تكون في موقفهم. أو ربما تكون قد واجهت شيئًا مشابهًا وتعرف حقًا كيف يبدو هذا الحدث بالذات.
2. القراءة تحسن مهارات التفكير النقدي
ونظرًا لتوفر جميع أنواع المعلومات عبر الإنترنت، فقد يتساءل الناس: "لماذا تعتبر القراءة مهمة جدًا إذا كان بإمكاني البحث عنها عبر محرك البحث جوجل فقط؟" قد يقدم لك جوجل الكثير من المعلومات، أحيانًا تكون حقيقية وأحيانًا لا، لكنه لا يخبرك كيف تفكر.
3. القراءة تبني المفردات بشكل أصيل وتعزز مهارات المحادثة
كلما زاد الوقت الذي يقضيه الأطفال في قراءة النصوص في الصف الدراسي، زاد احتمال تعلمهم لكلمات جديدة وينطبق هذا على الكتب التي يقرأها الأطفال بشكل مستقل وتلك التي تتم قراءتها لهم بصوت عالٍ.
4. القراءة تعلم المهارات الاجتماعية
في كثير من الأحيان، يتم تقدير النصوص الإعلامية أو الكتب الواقعية لقيمتها التعليمية في الفصول الدراسية لكن الحقيقة هي أن قراءة القصص الخيالية تسمح بتطوير وتعزيز مجموعة مختلفة تمامًا من المهارات. عندما يقرأ الأطفال عن الشخصيات التي يحبونها، فإنهم يختبرون الأشياء التي تمر بها شخصياتهم كما لو كانوا هم أنفسهم.
5. القراءة تقوي العمليات المعرفية
تساعدنا العمليات المعرفية على تعلم أشياء جديدة. يقول علماء الأعصاب أن القراءة تقوي عقلك بالفعل، حتى بعد أن تنتقل إلى شيء آخر. كلما قرأت أكثر، تنشط أجزاء أكثر في دماغك، مما يؤدي إلى تأثيرات دائمة. إن الانخراط في القراءة يعزز العمليات المعرفية باستمرار لأنه يدرّب أدمغتنا ويعزز التفكير النقدي والمهارات التحليلية.
6. القراءة مهمة لأنها تساعد على بناء المعرفة الأساسية
أظهرت عقود من الأبحاث أنه عندما يتعلق الأمر بقراءة نصوص غير مألوفة، أو القراءة من أجل التعلم (كما يحدث مع الأطفال في الصفوف الابتدائية العليا)، كلما زادت المعرفة الأساسية لديهم حول موضوع ما، أصبح من الأسهل عليهم تثبيت معلومات جديدة.
7. القراءة يمكن أن تساعد في تقليل التوتر
إليك إحصائية مذهلة: القراءة لمدة لا تزيد عن ست دقائق يمكن أن تقلل من التوتر بنسبة تصل إلى 68%. عندما تقرأ، فإنك تصرف انتباه عقلك عن مشاكل اليوم. وهذا يسمح لعضلاتك بالاسترخاء، مما يقلل من ضغط الدم ومعدل ضربات القلب.
8. القراءة يمكن أن تحسن النوم
القراءة يمكن أن تحسن نومك؟ يبدو غريبا، ولكن هذا صحيح! في هذا العصر الذي تسيطر فيه الأجهزة، يعد التقاط كتاب في وقت النوم بدلاً من مشاهدة التلفزيون أو القيام بشيء ما على هاتفك طريقة سهلة لمساعدة عقلك على إيقاف تشغيله وإبلاغ جسمك بأن وقت النوم قد حان.
9. القراءة تساعد على بناء الذاكرة والحفاظ عليها
عندما تقرأ، يقوم دماغك بتشفير المعلومات وتخزينها بشكل فعال، مما يخلق اتصالات جديدة بين الخلايا العصبية. إن تصور المشاهد والشخصيات والتفاصيل من القصة يشرك المناطق الحسية في الدماغ، مما يعزز الاحتفاظ بالذاكرة من خلال الصور الذهنية الحية.
10. القراءة تقوي مهارات الكتابة
من المستحيل فصل القراءة والكتابة عن بعضهما البعض. ممارسة أحدهما تعمل بشكل لا يمكن إنكاره على تحسين مهارات الآخر.
القراءة التعامل مع ما نقرأ أفضل طرق القراءة